التلوث البلاستيكي في المحيطات: أزمة عالمية

October 25, 2024
Featured image for “التلوث البلاستيكي في المحيطات: أزمة عالمية”

أصبح التلوث البلاستيكي في محيطاتنا أحد أكثر القضايا البيئية إلحاحًا في عصرنا. فكل عام، يُقدَّر أن 8 ملايين طن من النفايات البلاستيكية تدخل محيطات العالم، وهو ما يعادل إلقاء شاحنة محملة بالبلاستيك في البحر كل دقيقة[1]. هذه الكمية الهائلة من التلوث لها آثار مدمرة على النظم البيئية البحرية، والحياة البرية، وحتى صحة الإنسان.

حجم المشكلة

من الصعب تصور الحجم الهائل للبلاستيك الموجود في محيطاتنا. تشير التقديرات الحالية إلى أن هناك ما بين 75 إلى 199 مليون طن من النفايات البلاستيكية بالفعل في المحيطات، مع دخول 33 مليار رطل إضافي إلى البيئة البحرية سنويًا. هذا التدفق المستمر للبلاستيك يفوق قدرة أنظمة إدارة النفايات وإعادة التدوير الحالية، مما يؤدي إلى مشكلة تبدو مستعصية الحل.

أحد أكثر أشكال التلوث البلاستيكي وضوحًا هو “البقعة العظمى للنفايات في المحيط الهادئ”، وهي كتلة ضخمة من الحطام البحري في شمال المحيط الهادئ. تحتوي هذه “البقعة” على حوالي 1.8 تريليون قطعة بلاستيكية وتمتد على مساحة تبلغ ضعف مساحة ولاية تكساس[1].

التأثير على الحياة البحرية

للتلوث البلاستيكي تأثيرات خطيرة وواسعة النطاق على الحياة البحرية[2]:

التشابك: مئات الآلاف من الحيوانات البحرية تتعلق بالنفايات البلاستيكية كل عام، خاصةً في شباك الصيد المهملة أو “الشباك الشبحية”.

الابتلاع: العديد من الكائنات البحرية، بما في ذلك الطيور البحرية، والسلاحف، والأسماك، والحيتان، تخطئ بين البلاستيك والطعام، مما يؤدي إلى انسداد الأمعاء، والجوع، والموت.

استهلاك الجسيمات البلاستيكية الدقيقة: تبتلع الكائنات الحية على جميع مستويات السلسلة الغذائية الجزيئات البلاستيكية الصغيرة، بدءًا من العوالق الدقيقة وحتى الحيتان الضخمة.

تدمير الموائل: يمكن أن يؤدي التلوث البلاستيكي إلى إلحاق الضرر بالمناطق الحساسة مثل الشعاب المرجانية ومروج الأعشاب البحرية.

تشير الأبحاث إلى أن أكثر من 800 نوع بحري وساحلي يتأثر مباشرة بالنفايات البلاستيكية من خلال التشابك أو الابتلاع أو تلف الموائل. كما تشير التقديرات إلى أن أكثر من مليون حيوان بحري، بما في ذلك العديد من السلاحف البحرية، تموت كل عام بسبب التلوث البلاستيكي في المحيطات.

رحلة البلاستيك في المحيطات

بمجرد دخول البلاستيك إلى البيئة البحرية، فإنه يبدأ رحلة تدميرية. حيث تحمل التيارات المحيطية الحطام البلاستيكي لمسافات شاسعة، ليصل إلى أكثر المناطق النائية على كوكب الأرض، بما في ذلك القطب الجنوبي وخندق ماريانا.

أثناء انتقال البلاستيك، يتحلل إلى أجزاء أصغر بسبب حركة الأمواج والأشعة فوق البنفسجية والعوامل البيئية الأخرى. هذه الجزيئات البلاستيكية الدقيقة (أقل من 5 ملم قطرًا) تصبح أكثر انتشارًا ويصعب إزالتها من البيئة[2].

وجهات نظر أوروبية وإفريقية

جهود أوروبا لمكافحة التلوث البلاستيكي

تتصدر أوروبا الجهود العالمية لمكافحة التلوث البلاستيكي في المحيطات. وقد نفذ الاتحاد الأوروبي العديد من المبادرات والسياسات لمعالجة هذه المشكلة[3]:

توجيه الإطار الاستراتيجي البحري: يهدف إلى تقليل النفايات البلاستيكية البحرية بنسبة 50% بحلول عام 2030.

خطة العمل للحد من التلوث: تستهدف تقليل التلوث البلاستيكي الدقيق بنسبة 30% بحلول عام 2030.

حظر المنتجات البلاستيكية أحادية الاستخدام: منذ عام 2021، تم حظر العديد من المنتجات البلاستيكية أحادية الاستخدام في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

بدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها، حيث تشير البيانات إلى انخفاض تركيزات البلاستيك على معظم السواحل الأوروبية. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، حيث يستمر استهلاك البلاستيك في بعض المناطق في الارتفاع.

تحدي التلوث البلاستيكي في المغرب

مثل العديد من البلدان الإفريقية، يواجه المغرب تحديات كبيرة في التعامل مع التلوث البلاستيكي. إذ ينتج ما بين 7 إلى 9 ملايين طن من النفايات الصلبة المنزلية سنويًا، وتمثل المواد البلاستيكية جزءًا كبيرًا منها. في عام 2016، احتل المغرب المرتبة التاسعة من بين أكبر الدول المنتجة للبلاستيك في إفريقيا.

حقائق رئيسية حول التلوث البلاستيكي في المغرب[4]:

يتم تصريف حوالي 6.3 كجم من النفايات البلاستيكية غير المُدارة بشكل صحيح في المياه المغربية المتوسطية يوميًا لكل كيلومتر من الساحل.

ينتج المغرب 0.69 مليون طن من النفايات البلاستيكية سنويًا، يتسرب 57% منها إلى الطبيعة.

تُقدَّر كمية البلاستيك المتسربة إلى البيئة البحرية في المغرب بـ 75 كيلوطن سنويًا.

اتخذ المغرب عدة خطوات لمعالجة هذه المشكلة، بما في ذلك الالتزام بالاتفاقيات الدولية بشأن التلوث البلاستيكي وتنفيذ تدابير وطنية. كما تهدف البلاد إلى رفع معدل إعادة تدوير البلاستيك إلى 50% بحلول 2025 و70% بحلول 2030 [4 ].

الخاتمة

يمثل التلوث البلاستيكي في المحيطات مشكلة عالمية معقدة تتطلب تنسيق الجهود على جميع المستويات – من تغيير سلوكيات الأفراد إلى الاتفاقيات والسياسات الدولية.

ورغم إحراز تقدم في بعض المجالات، لا يزال حجم التحدي هائلًا. وبالتالي، فإن استمرار البحث، والابتكار، والالتزام من قبل الحكومات، والشركات، والأفرادسيكون أمرًا حاسمًا في مواجهة أزمة التلوث البلاستيكي في المحيطات والحفاظ على النظم البيئية البحرية للأجيال القادمة.


Share: